هل تعلم أن

الإمام تركي بن عبدالله

2011/01/24

الإمام تركي بن عبدالله، وجهات عُمان



كانت رأس الخيمة قد أعلنت ولاءها للدولة السعودية الأولى، ولجأ إليها عدد من الذين فروا من الدرعية، بعد استسلام الإمام عبدالله بن سعود. وجدد أهل رأس الخيمة ولاءهم لتركي بن عبدالله، عام 1244هـ / 1828م، عندما قدم إليه وفد منهم، وأرسل معهم قاضياً وسرية، بقيادة عمر بن عفيصان، لحمايتهم من خصومهم، وأصبحت بذلك واحة البريمي مركزاً للقوة السعودية في تلك الجهات. ثم جدد زعماء رأس الخيمة ولاءهم للإمام تركي، وهو بالأحساء، عام 1245هـ / 1829م.
وفي عام 1248هـ / 1832م، أرسل الإمام تركي أميره على الأحساء، عمر بن عفيصان، على رأس حملة قوية إلى عُمان، واضطر السلطان سعيد ـ صاحب مسقط ـ إلى إظهار المودة للإمام تركي، وإلى دفع مبلغ مالي سنوي إليه. وبذلك استعادت الدولة السعودية الثانية النفوذ، الذي كان للدولة الأولى، في تلك الجهات.





الإمام تركي، وآل خليفة، في البحرين



كان لدخول الأحساء تحت حكم الإمام تركي بن عبدالله، أثره في علاقته بآل خليفة، حكام البحرين، وقد كان لهم سيطرة على جزء من قطر، آنذاك. واعترف عبدالله بن خليفة بتبعيته للإمام تركي، بعد مفاوضات جرت بينهما، وقبل دفع الزكاة إلى الدولة السعودية، نظير مساعدتها له ضد أي عدوان، تتعرض له البحرين. ولكن هذا الاتفاق لم يعمر طويلاً. فقد حدث خلاف بين العماير وأميرالقطيف. وذهب فيصل بن تركي إلى هناك، لمعالجة المشكلة. فلما أغار على العماير، لجأ من انهزم منهم إلى قصر الدمام، الذي كان فيه أبناء آل خليفة، فهاجمهم فيصل هناك، ثم رحل إلى سيهات، التي كان رئيسها متفقاً مع ابن خليفة على محاربة آل سعود. وحقق فيصل كثيراً من النجاح في المنطقة، لكن أخبار اغتيال أبيه، في الرياض، جعلته ينسحب، بسرعة، من المنطقة، عائداً إلى الرياض.




الإمام تركي بن عبدالله، والعثمانيون

كان العثمانيون لا يرغبون في عودة الدولة السعودية، من جديد. وبذل والي مصر، محمد علي باشا، جهوداً مكثفة للقضاء على حركة الإمام تركي بن عبدالله، الذي أرغم بقية قوات محمد علي على الرحيل من نجد.
وعلى الرغم من ذلك، حاول تركي بن عبدالله، ألا يتحدى الدولة العثمانية، أو والي مصر، فلم يقترب من مناطق نفوذها، في الحجاز، واعترف بالسيادة الاسمية للأتراك. وبذل جهده ليتقرب إليها، وللحصول على اعتراف منها. فكتب إلى والي بغداد وكتب إلى والي مصر، الذي أبى الاعتراف به، لأنه ينظر إلى تلك المناطق، على أنها ضمن نفوذه. وحال انشغال قوات محمد علي باشا بإخماد ثورة عسير، وحروبه في الشام، وغيرها، دون إرساله قوات، لضرب تركي بن عبدالله.





نهاية حكم الإمام تركي بن عبدالله

كان مشاري بن عبدالرحمن آل سعود، أحد أفراد الأسرة السعودية، التي نفيت إلى مصر، بعد سقوط الدرعية. وكانت أمه أخت الإمام تركي بن عبدالله. وكان الإمام يقدره غاية التقدير، ويراسله وهو في منفاه، وحثه على القدوم إلى نجد. واستطاع أن يهرب ويعود إلى الرياض، عام 1242هـ/1826م، فأكرمه خاله الإمام تركي، وولاه إمارة منفوحة. وفي عام 1245هـ/1829م، عزله الإمام تركي عن إمارة منفوحة، على إثر وشاية، تفيد أنه يدبّر مع آخرين مؤامرة للإطاحة بالإمام. وأضمر مشاري في نفسه الحقد على خاله. وبعد مضي عام، وبينما كان الإمام تركي غازياً في الشمال، ظهر مشاري في الرياض، معلناً خروجه عليه، ولكنه فشل في مسعاه، لعدم وجود مؤيدين له من السكان، الذين أحبوا الإمام تركياً. فهرب مشاري إلى مكة، محاولاً الحصول على تأييد الشريف محمد بن عون له، لكن الشريف قبله لاجئاً عنده، وامتنع عن مساعدته عسكرياً.
ومكث مشاري في الحجاز حتى بداية عام 1248هـ/ 1832م، فانتقل إلى نجد، ووصل بلدة المذنب في القصيم، وطلب من أهلها أن يشفعوا له عند خاله، فركبوا معه إلى الرياض. وقدرهم الإمام تركي، وقبل شفاعتهم فيه، فعفا عنه، وأنزله في بيت من البيوت الخاصة به.
على أن نفس مشاري النزاعة إلى التمرد، لم تهدأ، وظل يحلم بالحكم. واستغل فرصة وجود فيصل بن تركي على رأس قوات والده، في شرق الجزيرة العربية، للقضاء على التمرد، الذي قام في العماير، فحاك مؤامرة لاغتيال خاله الإمام تركي، وتمكن أحد عبيد مشاري، ويدعى إبراهيم بن حمزة، من قتل الإمام تركي بعد خروجه من المسجد، عقب صلاة الجمعة. وخرج مشاري من المسجد، وشهر سيفه، وتهدد الناس وتوعدهم، ودخل القصر وجلس للناس، يدعوهم للبيعة في الرياض، وذلك في آخر ذي الحجة عام 1249هـ/ مايو 1834م. ومات الإمام تركي بن عبدالله، بعد عشر سنين، قضاها في إعادة بناء الدولة السعودية.