هل تعلم أن

ما هي العين الشريرة ؟

2007/06/11
يرجع تاريخ الاعتقاد بالعين الشريرة , وما تجره الشؤم , إلى أقدم العصور . فهناك أشخاص , نساءً ورجالاً على السواء ذوي عيون شريرة , يحملون الشؤم من مرض , وشقاء , وتعاسة , وموت أحياناً , إلى جميع الذين يقابلونهم .
والغريب في الأمر أن صاحب هذه العين غالباً ما يكون جاهلاً طابع الشؤم الذي يحمله . ويزيد الطين بلة أن احداً من معارفه أو من الذين يكونون واقفين على خبره لا يجرؤ على مصارحته بالحقيقة . وهكذا يوزع ذو العين الشريرة الشؤم ذات اليمن وذات اليسار دون ما وعي . وكان هذا الاعتقاد عالمياً . أما اليوم فالذين يعتقدون بها قلائل نجد معظمهم في نواحي الجزر البريطانية الغربية , وفي شبه الجزيرة الإيطالية الغربية , وفي شبه الجزيرة الإيطالية ولا سيما نابولي , وجزيرة صقلية , وبعض البلدان الشرقية الآسيوية .
كتب و . ف . روز , أحد الثقات البريطانيين سنة 1864 ويقول :"بالرغم من إنكار الأساتذة السحر والعين الشريرة , فإننا لا نزال راسخي الاعتقاد بهما شأننا في ذلك شأن رعاة الخنازير في عهد ثيوكريطس وفرجيل . وكثير هم الذين يشاطروننا هذا الاعتقاد في سائر انحاء العالم بالرغم من تظاهرهم بقلة الاكتراث .
عرف المصريون القدماء العين الشريرة وخافوها , فاتقوا شرها بحمل الرقي والتعاويذ على الرغم اختلافها , وانشاد الإناشيد السحرية الخاصة . كذلك وردت في السجلات التاريخية الكلدانية واليونانية والفارسية أشارات يستفاد منها أن هذه الشعوب عرفت العين الشريرة وحاربت مفعولها بشتى الطرائق .
وهناك كتب متعددة في هذا الموضوع . ومن أشهرها وأقدمها مؤلف باللاتينية يقع في حوالي ألفي صفحة ظهر في القرن السابع عشر . أما مؤلفه فانكليزي يدعى دجون كريستيان فروماند . وفي العام 1787 ظهر كتاب في موضوع العين الشريرة للبروفسور فاليتا الايطالي , وهو من أساتذة جامعة نابولي ومن علماء القانون المرموقين . وماهي سنوات حتى ظهر كتاب في الموضوع نفسة لكاتب إيطالي آخر من نابولي يدعى ليوناردو ماروغي . وجدير بالذكر أن هذه الكتب مفقودة اليوم , أو نادرة الوجود . وقد كان الناس يعتبرونها من صنع السحرة الجن , ويتحاشون لمسها أو اقتناءها .
يعترف البروفسور فاليتا في كتابه عن العين الشريرة بأن الموضوع معقد وهو يعتقد بالشؤم الناجم عن هذه العين .
ويفرد الكسندر دوما , الروائي الفرنسي الأشهر , في وصف له لمدينة نابولي , فصلاً برمته عن العين الشريرة . ويقول إن صاحب هذه العين غالباً ما يكون لونه شاحباً شحوب الجثث , هزيل البنية , ضخم الأنف اقناه , جاحظ العينين , تبعث نظراته على الهلع والاضطراب . ويضع أصحاب العيون الشريرة في أغلب الأحيان نظرات سوداء لاخفائها قدر المستطاع . أما الإشارة التي يرسمها الذين يودون اتقاء خطر العين الشريرة وشؤمها فتدعى "إشارة التين" وهي تقضي بوضع الإبهام بين السبابة والوسطى . وأنت إذا زرت نابولي , فإنك ترى الناس دائمي الحركة , يرسمون هذه الإشارة أو تلك وتتلخص في مد السبابة والخنصر من اليد اليمنى . أما التعاويذ التي يحملها الايطاليون وسواهم اتقاء لشر هذه العيون فهي قطع من الذهب أو الفضة أو المرجان أو اللؤلؤ أو الكهرمان مصنوعة على أحد الشكلين المرسومين أعلاه أو سواهما . وأقدم التعاويذ هي المصنوعة على شكل "إشارة التين" , وقد عرفها الهنود والمصريون القدماء . وفي المتحف الوطني في نابولي لوحات زيتية عديدة تظهر فيها أشكال هذه الرقي التي كان الأطفال ومايزالون يحملونها حول أعناقهم , كما ورد في قصائد فرجيل , وهوراس , وبترونيوس وسواهم من الشعراء والكتاب اللاتين ".