هل تعلم أن

تأسيس الهجر، وتوطين البدو

2011/01/24

تأسيس الهجر، وتوطين البدو



في الوقت الذي كان الأمير عبدالعزيز بن سعود، يخوض المعارك، ويشن الغزوات، في سبيل توحيد البلاد، فإنه لم يغفل موضوع الاهتمام بتنظيم مجتمعه، وتنمية مؤسسات دولته الجديدة.
وكان مجتمع نجد ينقسم إلى قسمَين أساسيَّين: البادية والحاضرة. وقد أدرك الملك عبدالعزيز، أن من أسباب نجاح أسلافه من آل سعود، مناصرتهم للعقيدة الاسلامية الصافية، وتطبيقهم للشريعة الغراء. كما أدرك أن العمود الفقري لقوة أولئك الأسلاف، في مواجهاتهم خصومهم، كان الحاضرة من السكان.أدرك أن البدو الرحل، قد اعتادوا نمطاً من المعيشة، منذ أزمان بعيدة، كغزواتهم، التي لا تنقطع بعضهم ضد بعض، ومهاجمتهم القوافل. كذلك، رأى الأمير عبدالعزيز بن سعود، أن من أسباب سقوط الدولتَين السعوديتَين السابقتَين، تغير ولاء القبائل، حينما تضعف الدولة. لذلك رأى الأمير عبدالعزيز بن سعود توطين البدو، في مستوطنات (هجر)، لكي يسهل ربطهم بالأرض ربطاً محكماً، وتقوية صِلاتهم بها، وبذلك يسهل تعليمهم، ونشر تعاليم الإسلام بينهم. وهكذا يستقر البدو الرحل في هذه الهجر، فيعملون في الزراعة، بدلاً من حياة التنقل والترحال. فبدأت هذه التجربة الرائدة بإرسال الدعاة إلى القبائل، لحثها على هجر حياة البداوة، التي لا تتفق مع أحكام الدين. فكانت الأرطاوية أول هجرة، تأسست سنة 1330هـ/1912م، على يد فيصل الدويش، زعيم مطير، بعد أن أقطعه إياها الأمير عبدالعزيز بن سعود. وقد لاقت التجربة صعوبة، في بدايتها. إلا أن ابن سعود، تغلب عليها، بكرمه وهباته ومساعدته رؤساء القبائل. فانتشرت الهجر في مناطق مختلفة من الدولة الجديدة. وهكذا أقبل البدو على بيع إبلهم، والانقطاع للدراسة في المدارس، حتى اضطر العلماء إلى إصدار فتوى بضرورة العمل للكسب، في التجارة والزراعة. وقد أطلق البدو على أنفسهم لقب "الإخوان"، دلالة على رفع الفروق بينهم. وازداد عدد الهجر ازدياد كبيراً، وأصبحت أشبه بمعسكرات، الإخوان جندها. وانتشرت في مناطق متفرقة، يسهل الوصول إليها، والاتصال بها. ويسير هؤلاء الإخوان بأمر قائدهم، الأمير عبدالعزيز بن سعود. وهكذا، استطاع الأمير ابن سعود، أن يحول هذه الطاقة البشرية المبعثرة، إلى قوة، اجتماعية وعسكرية وسياسية، يستطيع أن يشهرها في وجه أعدائه، متى شاء.
وأورد الريحاني "لائحة" بالهجر، وعدد الذين يلبون دعوة الجهاد منها. فكانت 72 هجرة، لمختلف القبائل النجدية.
وعقَّب الزركلي على ذلك قائلاً: إلا أن هذا العدد، أقل بكثير من عدد الهجر الحقيقي. فقد جاء في كشف الهجر، التي حضر مندوبوها اجتماع الجمعية العمومية، في الرياض، عام 1347هـ/1928م، أسماء 122 هجرة. وقد أصبح عددها، سنة 1369هـ/1950م، 152 هجرة.