هل تعلم أن

تنظيم القضاء والحسبة

2011/01/24

تنظيم القضاء والحسبة



لقد اعتمد القضاء، أثناء مرحلة توحيد البلاد السعودية، على المذهب الحنبلي، الذي كان سائداً في عهدي الدولتَين السعوديتَين، الأولى والثانية. واستمر، كذلك، بعد اكتمال مرحلة التوحيد، لفترة قصيرة.
وكان الملك عبدالعزيز، يرجع، في الأمور الدينية، إلى الشيخ عبدالله بن عبداللطيف آل الشيخ، الذي حظي بمكانة كبيرة لدى الملك عبدالعزيز، حتى وفاته سنة 1339هـ/1921م. فحل محله أخوه، محمد بن عبداللطيف آل الشيخ. وبعد ذلك أصبح لابن أخيهما، الشيخ محمد بن إبراهيم، مكانة لدى الملك عبدالعزيز. فعهد إليه بالإشراف على شؤون القضاء، خاصة في منطقة نجد. فشهد القضاء نوعاً من التطور الإداري، خاصة في أواخر عهد الملك عبدالعزيز.
أما منطقتا الأحساء وعسير، فقد حل المذهب الحنبلي فيهما محل المذهب الحنفي، الذي كان سائداً فيها قبل توحيدهما؛ إذ إنه كان مذهب الدولة العثمانية، التي حكمت هاتَين المنطقتَين، لفترة من الزمن. فاعتمد القضاء فيهما على المذهب الحنبلي، وأصبح معظم قضاتها من العلماء النجديين.
أما منطقة الحجاز، فبعد توحيدها، كان القضاء فيها يعتمد، أيضاً، على المذهب الحنفي، مذهب الدولة العثمانية الرسمي. وكانت إجراءات القضاء فيها، لا تختلف عن بقية الولايات العثمانية. فكان تعيين القاضي في مكة، يتم من طريق العاصمة العثمانية. لذلك كان القاضي في مكة، يرتبط مباشرة بشيخ الإسلام في تلك العاصمة.
وبعد هزيمة العثمانيين في الحرب العالمية الأولى، واستقلال الشريف حسين بمنطقة الحجاز، استمر القضاء في اعتماده على المذهب الحنفي. ولكن أصبح إلى جانب القاضي الحنفي قضاة من المذاهب السُّنية الثلاثة الأخرى.
وحينما وحد الملك عبدالعزيز منطقة الحجاز، راعى ظروفها الخاصة. ولكنه عمل على تطوير القضاء فيها، فبقي القضاء فيها معتمداً على المذاهب السُّنية الأربعة، لمدة سنتَين. ثم أمر ـ يرحمه الله ـ "بتوحيده على المذهب الحنبلي، ما لم يكن أحد المذاهب الثلاثة الأخرى، أصح منه في المسألة، التي ينظر فيها، فيُتبع المذهب الأصح".
وقد عين الملك عبدالعزيز الشيخ محمد مرزوقي، لإدارة القضاء في الحجاز. فكان أول رئيس لتلك الدائرة، في عهد الملك عبدالعزيز، التي تحولت، فيما بعد، إلى رئاسة القضاء، وذلك سنة 1344هـ/1925م. وعيّن الملك عبدالعزيز، الشيخ عبدالله بن بُلهيد، رئيساً لرئاسة القضاء، واستمر فيها حتى نهاية سنة 1345/1927م. وبعد ذلك، عُين مكانه الشيخ عبدالله بن حسن آل الشيخ، الذي استمر فيها حتى وفاته، سنة 1378هـ/1958م. وقد ارتبطت بتلك الرئاسة دوائر مختلفة، أهمها هيئة تمييز الأحكام، التي تم انشاؤها سنة 1350هـ/1931م، إضافة إلى محاكم كبرى، ومحاكم مستعجلة. كما أُنشئت كتابة العدل، سنة 1346/1927م.
أما الحسبة، أو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فلها أهميتها في الدين الإسلامي الحنيف؛ فقد قال الله ـ سبحانه وتعالى ـ في كتابه العزيز:كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. وقد اهتم بها علماء المسلمين، على مدى العصور، خاصة علماء نجد. كما اهتم بها حكام الدولتَين السعوديتَين، الأولى والثانية.
وقد اهتم الملك عبدالعزيز بأمر الحسبة، وأولاها ما تستحقه من عناية، منذ بداية عهده. وعين الشيخ عبدالعزيز بن عبداللطيف آل الشيخ، مسؤولاً مباشراً عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. كما عُين الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ، مساعداً له، وهو الذي أصبح رئيساً للحسبة، سنة 1345هـ/1926م. وقد استمر في ذلك المنصب، حتى وفاته سنة 1395هـ/ 1975م. وقد اتسع نشاط رئاسة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ليشمل نجداً، والمنطقتَين، الشرقية والشمالية.
وبعد استكمال توحيد البلاد، أُنشئت هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، في مكة، وذلك سنة 1344هـ/1925م. وأسندت رئاستها إلى الشيخ عبدالله الشيبي. ثم أنشئت هيئات مماثلة، في بقية مدن الحجاز الكبيرة. وقد خضعت رئاسة الحسبة، في بادئ الأمر، لإشراف القضاء، ثم للأمن العام، لعدة سنوات. ولكنها أُعيدت، فيما بعد، إلى إشراف رئاسة القضاء.
وفي سنة 1372هـ/1953م، أصبح في المملكة العربية السعودية رئاستان للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. الأولى، مركزها الرياض، وتشرف على الهيئات في نجد، والمنطقتَين، الشرقية والشمالية، ويرأسها الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ. والثانية، مركزها مكة، وتشرف على الهئيات في الحجاز وعسير وجازان، ويرأسها الشيخ عبدالملك بن إبراهيم آل الشيخ.