وجد الانسان البدائي نفسه في عالم لا يفهمه فليس لديه خبرات كثيرة يعول عليها فخاف ان ينقلب عليه هذا العالم فلا تشرق الشمس في يوم ما أو لا تمطر السماء فبدلا من ان يفهم طبيعة هذا العالم الذي حوله تقرب اليه و ملأه بالاشباح و الآلهة الصغيرة و الكبيرة و عبدها لكي ترضى عنه و تستقيم حياته و كان ذلك أول مدخل للشرك ( أو ما سمى لاحقا بالإتحاد و الحلول) و مع الاسف لم يكن ذلك قاصرا على الهمج بل حتى كبار الفلاسفة أمثال طاليس المليتي (640-546 ق م ) آمن بأن كل الاشياء عامرة بالآلهة.
هذه هي أول و أقدم المراحل التي مرت علي عقل الأنسان و تسمي بالمرحلة البدائية و فيها آمن الإنسان بالقوي السحرية و الأصنام و لكي يحول الأحداث وفق ارادته عليه أن يسترضى هذه الآلهة عن طريق عبادتهم و التقرب لها بالقرابين و الصلوات.
أما المرحلة الثانية و هي الميتافيزيقية بدي للانسان أن العالم محكوم بقوى حيوية و أنشطة كيميائية اطلق عليها اسم الطبيعة و لكنه اعتقد انها شخصا عاقلا (ملائكة) يتصرف من دون أي تحكم للإنسان و تطورت هذه المرحلة الى المرحلة الثالثة و التي اعتقد فيها الإنسان أن هذه القوى الحيوية (الملائكة) سوف تطرد كما طردت أرواح و أشباح الطور الأول و لم يبقي بالعالم الا الأحداث التي ليس لها شرح أو تفسير يمكن تقديمه و على الإنسان أن يكتشف القوانين التي تتفق مع الأحداث.
و مثال على هذه المراحل الثلاث و تطورها نذكر أن الإنسان البدائي اعتبر أن الشمس الها واهبا للحياة (مرحلة الإحيائية) ثم افترض أن الملائكة موكلة بدفع الشمس و القمر و الكواكب و صيانة حركة الأفلاك و انتهت هذه المرحلة بإكتشاف كوبرنيق أن حركة الأفلاك ناتجة من الدورة اليومية للأرض و حتى عندما أكتشف كبلر الأشكال الصحيحة للمدارات (بعد 60 عاما) افترض أنه هناك قدرة أو تأثير من الشمس للمحافظة على هذه المدارات عن طريق انبثاق مادي من الشمس لولاه لخمدت هذه الحركة بعدها افترض نيوتن فكرة الجاذبية و التي لم تروق لكثير من الفلاسفة مثل ليبينتز لإن نيوتن لم يقدم سببا للجاذبية فلم يصدق أحد ان الشمس أو القمر تؤثران علي الأرض من خلال الفضاء .
و الي لقاء قريب ان شاء الله.
ملاحظة جانبية: رأينا أن العقل في مرحلة ميلاده و هو ليس له اي خبرات و في أسوء بدائيته لجأ للاتحاد و الحلول و إن التمسنا له عذر فكيف نلتمسه لمن يعيشون الآن ( بعد نضوج العقول و توجيهها بكثير من الأنبياء ) علي نفس الفكرة من أمثال الرافضة و غلاة الصوفية المعتقدين بحلول الاله في أجساد العباد كما قال الاثنى عشرية:" لنا مع الله حالات هو فيها نحن ونحن فيها هو إلا انه هو هو و نحن نحن " وكأنهم آتون الينا من غابر الأزمان فالحمد لله الذي دل على نفسه و لم يتركنا لعقولنا فلولا ربي ما عرفت ربي و الحمد لله علي نعمة الإسلام .