الصور الأولى

إن الرسوم التي وجدت على جدران الكهوف منذ أقدم العصور تدل على أن رجل الكهف يعتبر أول فنان على سطح الأرض , ولا سيما الرسوم الملونة لبعض الحيوانات التي وجدت على جدران الكهوف في جنوبي فرنسا وإسبانيا منذ حوالي 300إلى 10000ق.م. ولقد احتفظت هذه الرسوم بملامحها بشكل مدهش , لأن الكهوف بقيت مغلقة لعدة قرون . والرسومات التي رسمها الإنسان البدائي , عبارة من الرسومات لحيوانات متوحشة رآها حوله , وبعض الصور البشرية التي وجدت نابعة بالحياة في إفريقيا وشرق اسبانيا . وقد لوّن رجال الكهوف هذه الرسومات بالوان زاهية , وهذه الألوان عبارة عن صدأ الأرض (أكسيد الحديد المتدرج لونه بين الأصفر الفاتح والبرتقالي الغامق ) . ومن المنغنيز حيث سحقت هذه المواد إلى مسحوق ناعم وتمزج مع الشحم , مثل دهن الحيوان , واستعملوا ما بشبة الفرشاة , وقد قام رجل الكهف بمزج هذه الأصباغ بالشحم لجعل الطلاء مائعاً , ولتلتصق ذرات الصباغ مع بعضها بوساطة أعواد تشبه أقلام الشمع , وصنع ما يشبه الفرشاة , من شعر الحيوانات أو النباتات , كما استخدم بعض الأدوات الحادة المصنوعة من حجر الصوان , لرسم وحفر الخطوط .
تعد الحضارة المصرية من أقدم الحضارات التي وجد لديها الرسم بشكل جميل , ووجد فيها الفنانون المبدعون الذين أبدعوا بالرسم على الأهرامات وقبور الملوك والناس المهمين . كما وجدت بعض الرّسوم الملوّنة بألوان مائية , وبعض الدهانات على جدران حجرة الدفن .
فالرسم أقدم الفنون التي عرفها الإنسان الأول , وأقدم حضارة عرفت الرسم واشتهر فنانوها بأسلوب دقيق ومرهف في الرسم هي حضارة الأيجيون , فقد رسم الفنانون فيها حياة البحر , والحيوانات , والزهور , والألعاب الأولمبية , والمواكب , ورسمت على جدار جصية مبللة بعض اللوحات التي ندعوها اليوم : اللوحات الجصية .
وهكذا ترى أن فن الرسم القديم , وجد مع الإنسان القديم ؛ ليعبر عن حضاراته عبر العصور المتلاحقة .