ماذا يحدث عندما نصاب بالدوار ؟

ينبغي أن يكون لكل كائن حي يعيش على الأرض حس بالتوازن , وما دامت الجاذبية تجذب كل شيء إلى أسفل , فيجمل بكل مخلوق حيّ أن يكون له فكرة عن علاقته بالأرض , في الفضاء وإلا سقط .
في الكائنات الحية , تسمى الأعضاء التي تمنحنا الحس بالتوازن " القنوات : نصف الدائرية" , وهي ثلاث قنوات مستطيلة على ثلاث أقواس نصف دائرية , وتقع خلف الأذن .
لماذا هناك ثلاث ؟ لأن للمكان ثلاثة أبعاد . الطول (إلى الخلف وإلى الأمام ) , والعرض (يمين ويسار) , والعلو (فوق وتحت) . وتقع القنوات الثلاثة تقريباً على زاوية مستقيمة بالنسبة إلى بعضها البعض في الأبعاد الثلاثة للمكان .
وفي هذه القنوات هناك سائل يسمى اللنف – وهو سائل عديم اللون تقريباً تشمل عليه الأوعية اللنفاوية , ويتألف من بلازما الدم وكريات دم بيضاء . وطرف كل واحد في هذه القنوات جميعاً محدد على شكل بصيلة ويسمى الجراب أو القازوزة . وهناك في هذه القازوزات خلايا حساسة ينبت منها شعر قاس , ويلتصق هذا الشعر بمدى الجراب , وهو موصول بأنسجة عصبية .
وكلما تحرك السائل في القناة , يجعل الشعيرات تتحرك أو تنثني , فيبعث بذلك برسالة إلى الدماغ والعضلات . ولما كانت القنوات تمثل ثلاثة مسطحات مختلقة فإن بعض الشعيرات إذا ماتحركنا في أي إتجاه سيتحرك نتيجة لذلك . مثال ذلك , عندما نتحرك إلى الأمام بالسيارة فإن الشعيرات في قناتين اثنتين لا تسجل شيئاً ولكن القناة التي تستجيب إلى الحركة بإتجاه أمامي أو خلفي تجعل الشعيرات التي فيها تنثني إلى الخلف واللنف في القناة هو الذي يسبب ذلك .
ولنتصور الآن أننا ندور بسرعة في حلقة . إن اللنف في القناة الأفقية النصف دائرية يثني الشعيرات الحسية إلى الخلف , وعندما نتوقف يظل اللنف يدور بفعل قوة الاستمرار . وهذا ما يجعل الشعيرات تميل الآن في الاتجاه المعاكس ,وهذا ما يجعلنا نشعر بأننا ندور في الاتجاة المعاكس – حتى ولو كان الأمر غير ذلك . وما دمنا نعلم أننا لا ندور (فساقانا هادئتان) فإننا نجد أنفسنا وقد اعتبرنا أن العالم إنما يدور من حولنا الاتجاه المعاكس , وبمعنى آخر نحن نحس بالدوار .