بعد أن تمّ توحيد المملكة العربية السعودية، أصبحت تضم منطقة واسعة، مترامية الأطراف، لذلك، لا بدّ من ربط بعضها ببعض، لترسيخ الأمن فيها، وتحسين معيشة سكانها. وقد أولى الملك عبدالعزيز مسألة المواصلات اهتماماً كبيراً. فبادر إلى إدخال السيارات إلى البلاد، للاستخدام، الخاص والرسمي، في الدولة، ونقل البضائع والمسافرين، حجاجاً ومواطنين، بطريقة أيسر مما كانت الحالة عليه، حينما كانت الإبل هي الوسيلة الأولى للنقل. وأُنشئت الشركة العربية للسيارات، فكان لها جهود كبيرة، ولا سيما نقل الحجاج.
كما قامت الدولة، في عهد الملك عبدالعزيز، بتمهيد الطرق وتعبيدها. وكان أول طريق، عُبّد في البلاد، طريقاً يربط مكة بجدة، ثم مُدّ إلى عرفات. وبدأت الدولة بتعبيد طريق مكة ـ المدينة، وانتهى العمل فيه، في بداية عهد الملك سعود بن عبدالعزيز. وهذا يؤكد رغبة الدولة في تخفيف المتاعب، التي كان يلاقيها حجاج بيت الله الحرام. وفي سنة 1358هـ، طلب الملك عبدالعزيز من المهندس الجيولوجي الأمريكي، تويتشل، أن يدرس إمكانية ربط مدينة جيزان، بأبها ونجران بخط مُعبد، فحدد ممره، في السنة التالية.
وقد اهتم الملك عبدالعزيز بإنشاء سكة حديدية، تربط ميناء الدمام ببعض المدن، في المنطقة الشرقية، ويوصل إلى الرياض. وفي سنة 1369هـ /1950م، ربطت الدمام والظهران وبقيق والهفوف بخط سكة حديد، ثم تم إيصال سكة الحديد إلى الرياض، وذلك في سنة 1371هـ /1951م.
وحازت المواصلات الجوية الاهتمام، أيضاً. ففي سنة 1348هـ، قامت الدولة بشراء أربع طائرات مدنية، لتكون نواة للخطوط العربية السعودية. وتوالى شراء الطائرات المدنية، حتى تضاعفت أعدادها، في فترة وجيزة. كما قامت الدولة بإرسال الشباب السعودي إلى إيطاليا، لدراسة الطيران، وذلك في سنة 1354هـ/1935م. ثم تتابع إرسال البعثات إلى دول أخرى. وأنشئت، في تلك الفترة، "إدارة طائرات الخطوط الجوية السعودية". ثم أصبح اسمها، في عام 1368هـ/ 1949م، "مصلحة الطيران المدني". وارتبطت بوزارة الدفاع، لتصبح جزءاً من تشكيلاتها، بدءاً من 7 رجب 1371هـ/2أبريل1952م.
ومطار جدة، هو أول مطار أُنشيء في المملكة العربية السعودية. ثم أُنشئت مطارات أخرى، في كل من الحوية (في الطائف)، والرياض، والخرج، والظهران، ورأس مشعاب، والمدينة المنورة . وبدأت، في سنة 1366هـ /1947م، الرحلات الجوية، بين مطار جدة ومدن المملكة، وبعض الأقطار المجاورة، خاصة إلى مطارَي بيروت والقاهرة. كما قام وزير الدفاع بافتتاح أول خط جوي، بين جدة والمدينة المنورة، وذلك في عام 1367هـ /1948م. كما تتابع فتح الرحلات الجوية، بين جدة وعدد من المدن، العربية والعالمية، حتى أصبحت الرحلات، في عام 1369هـ / 1950م، تغطي ثلاث عشرة مدينة، في المملكة، وإحدى وعشرين مدينة، عربية وعالمية.
ولم يُغفل الملك عبدالعزيز الاهتمام بالمواصلات البحرية. وذلك بإنشاء أسطول نقل بحري، وتحسين الموانئ البحرية، في غربي البلاد وشرقيها. وقد تم إنشاء ميناء جدة، على البحر الأحمر، وميناء الدمام، على الخليج العربي.
وقد اهتمت المملكة العربية السعودية، في عهد الملك عبدالعزيز، بالاتصالات الحديثة. إذ انضمت إلى اتحاد البريد الدولي، سنة 1345هـ/1926م، وعقدت اتفاقات مع دول مختلفة، ليتم الاتصال، هاتفياً وبرقياً وبريدياً. كما قامت بإنشاء شبكة هاتفية، في المدن الكبيرة في المملكة، وتعميم المراكز اللاسلكية في معظم مدن المملكة، وقد زادت تلك المراكز على الستين . كما أمر الملك عبدالعزيز بإنشاء أربع مدارس، لتعليم أعمال الهاتف اللاسلكي، في كلٍّ من مكة، وجدة، والرياض، والمدينة المنورة. وجلب لها مدرسين متخصصين. وأرسل البعثات إلى بريطانيا ومصر وغيرهما لتعلم فنون اللاسلكي والهاتف. فأصبحت أعمال المراكز اللاسلكية في أيدٍ سعودية.