هل تعلم أن

استرداد الرياض، وتوحيد أجزاء من نجد

2011/01/24

استرداد الرياض، وتوحيد أجزاء من نجد



          واتت الفرصة الشاب عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، وهو في الكويت، ليخوض أولى تجاربه العسكرية، ففي الأشهر الأولى من عام 1318هـ / يونيه 1900م، قام شيخ الكويت، الشيخ مبارك بن صباح بحشد قواته، في منطقة الجهراء، استعداداً لمحاربة ابن رشيد. وكان الإمام عبدالرحمن بن فيصل، ضمن جيش الشيخ مبارك، يرافقه ابنه، عبدالعزيز، في هذه الحملة. ووصل الجيش إلى مكان في نجد، يسمى" الشوكي"، على بعد مئة وستين ميلاً عن الرياض، إلى جهة الشمال الشرقي منها. وفي ذلك المكان، فارق عبدالعزيز جيش الشيخ مبارك، وسار على رأس قوة صغيرة، متجهاً إلى الرياض، أملاً في انتزاعها من عبدالرحمن بن ضبعان، الأمير المعين عليها من قبل ابن رشيد. وقد تمكن عبدالعزيز من الوصول إلى الرياض، بعد يومَين فقط. ودخل الرياض دون صعوبة، ثم بدأ بحصار أميرها، الذي اعتصم بقصر المصمك. وعلى أثر هزيمة الشيخ مبارك في معركة الصريف، التي حدثت في 17 مارس 1901م، فك عبدالعزيز الحصار المضروب على قصر المصمك، وغادر الرياض، قافلاً إلى الكويت.
          لقد عاد الأمير عبدالعزيز، مرة أخرى، إلى الكويت، ليعيش مع والده فيها. ولكنه استفاد من تجربته الأولى، ونجاحه النسبي في دخول الرياض؛ وبدأ يخطط لإعادة المحاولة. يقول أمين الريحاني في كتابه، "تاريخ نجد الحديث": "إن البطل عبدالعزيز، استمر محاصراً لقصر المصمك، مدة أربعة أشهر". لقد جدد بقاؤه في الرياض هذه المدة، معرفته بتلك البلدة، سكاناً وأرضاً وتحصيناً. كما أكد ظهوره أمام الآخرين، بمظهر القائد الكفء، ومكنه من تعرف أوضاعها، ومواقف الناس فيها، خاصة من لهم تعاطف مع آل سعود. وهذا كان له أكبر الأثر في تشجيعه على تكرار المحاولة، مرة أخرى. ومن هنا، جاء إلحاحه الشديد على أبيه، والشيخ مبارك بن صباح، بعد عودته إلى الكويت، في السماح له بأن يبدأ بالخروج من الكويت، قائداً لغزوات. وقد عارضه والده، في بداية الأمر. ولعل معارضة الإمام عبدالرحمن لابنه، عبدالعزيز، مردها إلى أن التجارب المرة، التي واجهها الأب، وبخاصة ما حدث في معركة الصريف، جعلته يقتنع بأن أي عمل عسكري، في تلك الفترة، قد يؤدي إلى نتائج وخيمة، لابنه وأسرته. إلا أن الأمير عبدالعزيز، كان ينظر إلى ما جرى في الرياض على يديه هو، ولا ينظر إلى ما دار في الصريف، التي لم يحضرها. أمّا موقف الشيخ مبارك بن صباح، فق د كان مغايراً لما يراه الإمام عبدالرحمن، إذ رحب بفكرة الأمير عبدالعزيز، وإن كان غير مقتنع بنجاحها؛ فإن مثل هذه المحاولة، ستشغل أمير حائل، عبدالعزيز بن متعب الرشيد، عن مضايقة الكويت وتهديدها، مما يخفف الضغط عليها، إن لم يزله كليةً.
          بعد حصول الأمير عبدالعزيز على موافقة والده، وتأييد الشيخ مبارك بن صباح، خرج من الكويت، غازياً، في النصف الأول من عام 1319هـ/1901م، بعد أن جهزه شيخها ببعض الأسلحة والمؤن والركائب. وبدأ الأمير عبدالعزيز رحلته إلى الرياض، ومعه عدد من أقربائه ومؤيديه، يرجح أنهم لا يزيدون على الأربعين، إلا قليلاً.
          وكان الإمام عبدالرحمن، قد اجتمع بابنه، عبدالعزيز، قبل خروجه من الكويت. وقال لـه: "تـرى يا عبدالعزيز، ما قصدي، أن أقف في سبيل إقدامك. ولكن، كما ترى، موقفنا وحالنا، يقضيان باستعمال الحكمة في إدارة أمرنا. أمَا وقد عزمت، فأسأل الله العون والظفر".