هل تعلم أن

معركة البكيرية

2011/01/24

معركة البكيرية



علم عبدالعزيز بن متعب بن رشيد، بانتصارات ابن سعود في القصيم، وهو في العراق، يستمد العون من الدولة العثمانية، ويستثير قبيلة شمر لنجدته. فاشتد غضبه، خاصة على أهل القصيم، الذين ساعدوا الأمير عبدالعزيز بن سعود. وقد أمدته الدولة العثمانية بعدد كبير من الجند النظامين، بأسلحتهم الحديثة، خاصة المدافع، وكميات كبيرة من المؤن. وقدّر عدد الجنود المدد بنحو ألف وخمسمائة جندي، على اختلاف روايات المصادر، أغلبهم من الشام والعراق، يعملون في الجيش العثماني. وقام عبدالعزيز بن رشيد بمصادرة ما وجد من إبل العقيلات القصيميين، الذين كانوا يجوبون البلاد، للتجارة بين العراق والشام ومصر وشبه الجزيرة العربية، وحمل عليها قسماً كبيراً مما حصل عليه من أطعمة ومؤن وأسلحة، ونقلها من العراق إلى نجد.
وأسرع عبدالعزيز بن رشيد إلى القصيم، بمن اجتمع لديه من البدو، خاصة من قبيلة شمر، وفئات من الحضر والجيش النظامي العثماني، يريد القضاء على ابن سعود، أو على الأقل إخراجه من القصيم. والتحق به ماجد الحمود بن رشيد، ومن معه، ووصلوا إلى بلدة القصيباء، ومنها إلى الشيحية، بالقرب من البكيرية.
وإزاء هذه الجموع، استنهض الأمير عبدالعزيز بن سعود، وهو في بريدة، أهل البادية والحاضرة، ليجتمعوا عنده. وبلغ عدد الوافدين عليه عدة آلاف من المحاربين. خرج بهم من بريدة، ونزل البكيرية، في مواجهة خصمه، وكان ذلك في أول شهر ربيع الثاني 1322هـ/يونيه1904م. وكانت خطة الأمير عبدالعزيز، أن يقسم جيشه إلى قسمَين. قسم بقيادته، ويضم أهل العارض وجنوبي القصيم، وخصصه لملاقاة جموع قبيلة شمر وابن رشيد. والقسم الثاني، يضم أهل القصيم، ومن تبعهم من قبائل مطير وغيرها، وخصهم لملاقاة الجيش العثماني النظامي. ونشب القتال بين الطرفَين، من الفور. وقد رجحت كفة ابن رشيد، في بداية المعركة، إذ ركز نيران مدافعه ضد القسم، الذي يقوده الأمير عبدالعزيز، مما ألحق به خسائر بشرية كبيرة، وأرهق قواته، مع آخر النهار، فضلاً عن جرح يده اليسرى بشظية. واضطر إلى التراجع إلى جهة بلدة المِذْنَب. ولكن أهل القصيم، لم يعلموا بأن القسم الآخر من الجيش قد انهزم، وكانوا يحققون تقدماً ضد الجنود النظاميين، المحاربين في صفوف ابن رشيد؛ فحولوا الهزيمة إلى نصر، وأسروا عدداً من أولئك الجنود، وغنموا بعض المدافع، وعادوا إلى البكيرية، مع الليل. وعلى الرغم من ذلك فإن قوات ابن رشيد، ظلت متماسكة وثابتة.
ولما أدرك أهل القصيم، أنهم لا يزالون معرضين لخطر ابن رشيد، غادروا البكيرية، عائدين إلى بلدانهم، حاملين معهم ما خف من الغنائم. وتركوا الأسرى والمدافع وراءهم.
وكانت الخسائر البشرية كبيرة، لدى الطرفَين، خاصة بين الجنود النظاميين. فقد خسر ابن سعود 900 رجل من قواته، منهم أربعة من آل سعود. وقُتل من جيش الأتراك نحو ألف جندي، بينهم أربعة ضباط كبار. وقُتل من أهل حائل، أيضاً، 300 فرد، بينهم اثنان من آل رشيد.
وصل الأمير عبدالعزيز، مع أتباعه، إلى ما بعد بلدة المِذْنَب. وإذ وصلته الأخبار بانتصار أهل القصيم على جيش ابن رشيد، قدم إلى عنيزة، في اليوم التالي للمعركة. واستعاد قوته، وتوافدت عليه جموع من بوادي عتيبة ومطير، فتجمع لديه، في ستة أيام، اثنا عشر ألف مقاتل.
وفي الوقت نفسه، عاد ابن رشيد من الشيحية، التي تجمعت فيها فلوله، ورجع إلى البكيرية، بعد أن علم بانسحاب أهل القصيم منها. ومن هناك، انطلق إلى بلدة الخَبْراء. ولكن، أبى أهلها أن يعلنوا له الطاعة، فأمر بقطع النخيل وقذف البلدة بالمدافع. وعمد الأمير عبدالعزيز للعودة إلى البكيرية، للسيطرة عليها، فزحف إليها. إلا أن ابن رشيد سارع إلى إرسال سرية، بقيادة سلطان الحمود بن رشيد، اصطدمت بخيالة ابن سعود، عند الفجر، فهزمتها ودخل الأمير عبدالعزيز البكيرية، وفتك بالحامية الرشيدية فيها، واستولى على المستودعات، التي رتبها ابن رشيد. ثم تعقب جيش ابن رشيد، الذي ارتحل من بلدة الخَبْراء إلى الشنانة، واتخذ منها معسكراً له. وتمركزت قوات الأمير عبدالعزيز بن سعود في الرس.