هل تعلم أن

خروج الشيخ محمد بن عبدالوهاب، من حريملاء إلى العيينة

2011/01/24

خروج الشيخ محمد بن عبدالوهاب، من حريملاء إلى العيينة





انتقل الشيخ محمد بن عبدالوهاب، في عام 1154هـ/1741م، من بلدة حريملاء، إلى بلدة العيينة. وكان في حريملاء قبيلتان متنازعتان. ولإحداهما عبيد يقال لهم الحمّيان، كثر منهم الفسق والفساد. فأراد الشيخ محمد أن يمنعهم من ذلك، وينفذ فيهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فهمّ العبيد أن يفتكوا به ويقتلوه، في الليل، سراً. فلما تسوروا عليه الجدار، انكشف أمرهم، فهربوا. وانتقل الشيخ، بعدها، إلى العيينة.
وربما يكون السبب الأهم في انتقاله، هو قبول أمير العيينة، عثمان بن حمد بن عبدالله بن معمر، دعوته الإصلاحية. يضاف إلى ذلك، أن العيينة، هي مسقط رأس الشيخ، ومكان نشأته الأولى.
ووجد في العيينة، كل ترحيب وحفاوة من أميرها. وتزوج الشيخ محمد الجوهرة بنت عبدالله بن معمر، عمة الأمير عثمان، مما زاد من الأواصر بين الشيخ والأمير. وعرض الشيخ على الأمير عثمان، ما قام به، ودعا إليه. وقال له: "إني أرجو، إن قمت بنصر لا إله إلا الله، أن يظهرك الله ـ تعالى ـ وتملك نجداً وأعرابها". فساعده الأمير عثمان بن معمر على ذلك.
وسار الشيخ قدماً في التطبيق الفعلي لدعوته، بعد دعم الأمير له. فقام، مع أنصاره، بقطع الأشجار، التي كان العامة يتوسلون بها. وهدم القبة، التي كانت على قبر، يظن أنه لزيد بن الخطاب ـ في الجبيلة؛ وكان العامة يتبركون بها، ويقدمون إليها النذور.
كما قام الشيخ بمعاقبة من لا يؤدون الصلاة مع الجماعة، في المساجد. وأرسل الدعاة إلى البلدان المجاورة، في نجد، لنشر دعوته. ولكن أعظم الأعمال، التي قام بها، فهزت المجتمع، واشتهر بها أمره، في الآفاق، إقامة حد الرجم على امرأة، اعترفت بأنها ارتكبت جريمة الزنا، وهي محصنة. وكان يعلن، بذلك، دخول دعوته مرحلة جديدة مهمة.
فقد أدت هذه الأنشطة إلى زيادة المعارضة للدعوة الإصلاحية، من قبل بعض العلماء، في نجد، الذين رأوا فيها زعزعة لمكانتهم الاجتماعية وبخاصة أن الشيخ محمد بن عبدالوهاب، أنكر على بعضهم أخذ أجر من المتخاصمين، مقابل الفصل بينهم، وعدّ ذلك من الرشوة. فقام بعض هؤلاء العلماء بإرسال الرسائل، إلى علماء البصرة والأحساء، يستنهضونهم للرد على دعوة الشيخ.
كل ذلك، لم يمنع الدعوة الوهابية من الانتشار، وإقبال الناس عليها، مما أثار حفيظة الأمراء، خاصة زعماء بني خالد، في الأحساء، التي كانت مصدراً للتجارة، في نجد.
ولهذا، كتب زعيم بني خالد، وحاكم الأحساء والقطيف، سليمان بن محمد بن غرير آل حميد، رسالة إلى صديقه، أمير العيينة، عثمان بن معمر، يطلب منه، أن يتخلص من الشيخ محمد بن عبدالوهاب، بالقتل. وهدد، في رسالته، بأنه سوف يقطع الخراج أو المعونة الاقتصادية، وهي كثيرة، عن ابن معمر، ويمنعه من استلام دخل مزرعته، في الأحساء؛ وأنه لن يسمح لتجار بلدته، بدخول الأحساء واستخدام موانئها.