هل تعلم أن

خاطرة على الطريق .. بين البيت والمدرسة ..

2010/11/18

خاطرة على الطريق بين البيت والمدرسة

...

 

بينما نحن في شهر كانون الثاني ،

شهر الخيرات والرحمات ،

وسماء الكون هنا يزدان بالحبات ،

حبات المطر تأتي بالبسمات ،

في تلك السنة من السنوات ،

انهمرت حبيبات الخير وجاءت بالخيرات ،

وزادت قوتها على البنايات ،

وامتلأت شوارعنا والطرقات ،

وما هي إلا لحظات ،

إذ أطلّت عليها الرياح العاصفة من بعيد ومعها كل البُشْريات ،

وتضرب بقوتها كل شيء أتت عليه وعلى  جدران البنايات ،

وصوت رياح الكوانين يعلمها جيدا كلٌّ من الأجداد والجدّات ،

تلامس خطوط الكهرباء وأغصان الأشجار وشبابيك العمارات ،

ونرى من بعيد ؛ طرف شارع مليء بمياه الأمطار مع الحجارة والحصوات ،

يجري جريان النهر القوي العنيف بكل ثبات ،

قاطعاً بعنفوانه كل المسافات ،

وبزمن  قليل مما مضى وما هو آت .

وفي لحظة من اللحظات ،

إذ بفتاة مسكينة واقفة على جانب أحدى الطرقات ،

تلبس الجلباب الشرعي الإسلامي مع خمار وغطاء على وجه أجمل الحسناوات ،

تنتظر من الله تعالى جلت قدرته فرصة أمل بالعودة إلى بيتها في شمال بلادنا والبلدات ،

وهذه طالبة الجامعة  نبتت من بيت إسلامي مليء بالصلوات ،

وعبادة رب الأرض والسماوات ،

وهي تنتظر على شارع الجامعة الأردنية بصيص أمل من قلب هذا الرعب والخوف من الزمن الذي هو آت ، وبينما هي بتلك اللحظات ؛

تزيح وجهها الخائف على أبواب البنايات ،

وأبواب البنوك والمحلات ،

تراها مغلقة بإحكام بوجه هذه الأجواء القاسية بما تحمله من آهات ،

فانقطع  بها الأمل بالنجاة وجَنْيِ ثمار الصبر على الطاعات .

من براثن ذئب بشري يركض نحو غريزته الحيوانية نحو ضعفها وقلة حيلتها بهذه الطرقات ،

أو بموت محقق بسبب ارتفاع مياه الأمطار بالطرقات ،

أو بشدة حدة الرياح العاصفة التي تأخذ معها كل من يقف بوجهها آتية بالويلات ،

أو من مجيء الليل المخيف بوحشته بتلك البلدات ،

بعيدا عن الأهل والأحبة والأخوات .

وفي برهة زمن من دقائق الساعات ،

حان موعد آذان المغرب يأتي بالرحمات ،

معلناً عن موعد اتصال العباد برب الأرض والسماوات ،

والتذلل مع الدعوات ،

والطالبة الخائفة الوحيدة تغتنم فرصة نداء الحق للصلوات ،

وترفع يديها المرتعشة خوفاً وطمعاً بإجابة دعوة صادقة من الله  ذو الرحمات ،

وأراها  تنتظر الساعة  تلو أختها  مع الدعوات ،

وإذ بشاب يجر خطاه  نحوها مع ثبات الخطوات ،

وعندما رأته طالبة العلم زاد قلبها من الدّقّات ،

ووجهها حُمْرَةً مما هو آت ،

وقدميها ترتجف خوفاً من ارتكاب معصية وربها يرقبها بتلك اللحظات ،

فوصل إليها يتمتم بقليل من الهمسات ،

وألقى عليها تحية المسلمين والمسلمات ،

قائلاً :- السلام عليكم ورحمة الله تعالى مع البركات .

قالت الطالبة الجامعية على وجل قلبها مع زيادة الدقّات :-  وعليكم السلام ورحمة الله تعالى وبركاته مع تهدّج  الصوت وانقطاع سماع الأصوات ،

رد عيها الشاب المؤمن الذي يوحد رب الأكوان مع السماوات :- ما بك يا أخيتي في الله ويا من أنت من الأخوات المسلمات ؟ !!

اطمأن فؤاد الفتاة هنيهة بتحية وسؤال الشاب أخو المسلمات ،

وقالت :- انقطعت بي السُّبُل للعودة لأهلي بشمال البلدات ،

وأنت ترى الأحوال الجوية السائدة الآن هنا وهناك ،

فََرَقّ قلبه لها قائلاً :- تفضلي إلى بيتي المتواضع أختي بالدين والعرض والعهد من رب الأرض والسماوات ، وعليك أمان الله تعالى الذي يرقبنا ويسمعنا بكل اللحظات ،

واطمأن قلبها بعد تردد قليل قبيل البدايات ،

وقالت : بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماوات ،

وأخذت تقف بزاوية من للمنزل وحيدة مع شاب غريب لأول مرة بحياتها الطويلة بالسنوات ،

ودعاها لتناول العشاء وحدها  لتأخذ نصيبها من أصعب ما بحياتها من أوقات ،

ففعلت وحمدت الله تعالى على عظمته وما يمنحنا من نعمات ،

وجاء موعد النوم والخلود والسكنات ،

ولكن هيهات هيهات ،

فأنا لها النوم بمنزل أحدهم بغربتها ووحشتها مع الرعشات ،

ولم تأخذ بدعوته للنوم خوفاً مما هو آت ،

وعلى مضض ٍ وافقت لقضاء ليلتها تلك مع ترقب القدر القادم عبر ظلام الهدوء والسكنات ،

وعرض عليها مكان النوم والنومات ،

ووضع لها فرشة صغيرة وله مثلها بنفس الغرفة  في لحظات ،

فارتعدت الشريفة ونهضت واقفة تتمتم على استغراب الكلمات ،

فقال لها الشريف المؤمن :- والله ليس عندي إلا هذه الغرفة من كل هذه البنايات ،

فقالت صارخة ً مستهجنة الدعوات :- كيف تدعوني للنوم هنا مع ادعائك عهد لله تعالى بيننا مع التطمينات ؟؟؟ كرّر لها ثانية ما أعطاها قَبْلاً من التلميحات ،

بعد ذلك وبعد مرور الساعات ،

ما كان لهما بدٌّ من النوم هنا تحت سقف واحدٍ مع  هذه الآهات ،

فوضع فراشها بأقصى زاوية بأصغر غرفة من الغرفات ،

وفراشه بأبعد مكان مقابل لفراشها مع الهدوء والسكنات ،

ومضت ساعة  ثم ساعات ،

فأظهرت له النوم مع حرصٍ شديدٍ من المرأة الحرّة من اللبيبات ،

فجاءه إبليس الرجيم مع اللعنات ،

ورغّبه بها ولو هذه المرة من حياته المليئة بالصلوات ،

فأعرض عنه بحزم ٍ مع الرغبات ،

وطلب من ربه مزيداً من الثبات والرحمات ،

وبعدها جاءته نفسه التي بين جنبيه ترغّبه بفعل ما يغضب ربه ولكن هيهات ،

فصبر وشدّ من أزره لمقاومة تلك الرغبات ،

ولكن هيهات هيهات الثبات ،

فما كان منه كلما راودته نفسه لفعل أعمال فاحشات ،

قام على مهل مخافة تنبيه أخيته من نومها إن أخذته من لحظات

، قام إلى سراجٍ صغير عنده وأشعله قليلاً لحكمة العاقل أخو العاقلات ،

ووضع أصابعه على لهب السراج الصغير مع تحمل الآهات ،

فما استطاع تحمل ما ألمّ  به من وجع للحظات ،

فبادر بسؤال نفسه معنّفاً إياها  مع التهديدات :-

 يا نفس : ألا تتحملين قليلاً من حرارة السراج ولو للحظات ؟؟ !!

 يا نفس : هناك نار الله تعالى العظيمة جزاءً لك إن وقعت بما حرّم ربي من الملذات  ،

وعاد أدراجه لفراشه مع تحمل آلام  وآهات ،

ولكن هيهات هيهات هيهات .

 يصاحبه النوم مع وجود الشهوات ،

فراودته نفسه مرات ومرات ومرات ،

وفي كل مرّة  يذهب لسراجه فاعلاً ما كان بأول اللحظات ،

حتى انحرقت أصابعه كلّها من وهج ذلك السراج بما فيه من قليل الشعلات ،

فَعَمَدَ إلى دواء للجروح علّه يخفف من حاله مع تذلّله لربه لقبول الدعوات ،

وأختنا الطيبة المباركة تشعره النوم مع ترقب وانفعال ونجاحه في أصعب الإبتلاءات ،

فجاء صباح الإشراق الجميل من رب الأرض والسماوات ،

فودّعته شاكرة له على طيب الإقامة مع إعطائها  كل الأمانات ،

فما كان منه إلا تغطية يديه بقفازين له لدرء كثرة التساؤلات ،

أخذ يبدأ نهاره بذكر الله تعالى أن نجّاه من ارتكاب أمور شنيعات ،

وبدأ أدراجه للجامعة  للنّهل من مَنْهَلِ ومَوْرِدِ العلم الدنيوي مع علوم إسلامية غاليات ،

وعند وصوله للقاعة المبتغاة  تناوله زملاءه بكثرة التساؤلات ،

عن أسباب لبسه للقفازات ،

 فتنكر بعيدا عن كل صحيح المقولات ،

علّه يستر نفسه وفعلته بين الأحياء والأموات ،

وفجأة دخلت القاعة أخت محجبة عرفته من لبسه القفازات ،

وذهبت لأبيها رئيس الجامعة مع سردها لقصتها بتلك الساعات ،

فطلبه أبوها على عجل لشرف لقياه والتعرف عليه بهذا الزمان المليء بالسيئات ،

فذهب لملاقاة الرئيس على وَجَلٍ مع إعمال التفكيرات ،

علّه ارتكب خطا  ما ،  بسالف زمن المحاضرات ،

فدخل عليه مع تحية إسلامنا كما علّمَناهُ رسولنا من رب الأرض والسماوات ،

فرد عليه بأحسن منها من تحيات ،

 وبادره بسؤال سريع عن الذي يراه من قفازات : -

 فأنكر الطالب الجامعي المسلم غالبية التساؤلات ،

والفتاة طالبة الجامعة المسلمة العفيفة بنت العفيفات ،

 واقفة بجواره دون علم بها منه لحجابها الساتر لكل التعبيرات ،

وهي ترقبه وتلميحاته وتعابير وجهه مع التساؤلات ،

فلم ينال رئيس الجامعة شيئاً  من أحسن الإجابات  ،

عندها أفصح الرئيس والد الفتاة عن كل الأمور والتساؤلات ،

وأعلمه عن علمه بكل ما جرى ليلة أمس من الساعات ،

فوقع الطالب العفيف مغشياً  عليه على أرضه الممهدة بأنعم الديكورات ،

فلما أفاق من غفوته سمع أختنا ابنة الرئيس معلنة بكل التصريحات ،

عما حصل بتلك الليلة من لحظات وساعات ،

فأخذ يدافع عن نفسه ببراءة دون اتهامات ،

ففرح به أبو الفتاة الرئيس كثيراً عارضاً عليه أغرب الدعوات ،

وطلب يده زوجاً لابنته الغالية فلذة كبده مع البنات ،

فلازمه صمت طويل امتدّ لدقائق بعدها لحظات ،

وقال أبوها مادحاً له بكلمات :-

 أنت يا بني أَنْبَلُ من بهذه الجامعات ،

وأنت مُؤْتَمَنٌ ومُؤْمِنٌ وأمينٌ على فتاتي مع الصلوات ،

راجياً منك بُنَيّ َإبداء الموافقة  وإسماعي قبول الدعوات ،

فما كان من الطالب الجامعي الصادق إلا قبول دعوات ،

هذا الزواج مع كثير من التسبيحات ،

والتهليلات ، والتحميدات لرب الأرض والسماوات ،

فعاد لأهله فرحاً بعبادته وصلواته وما حصل معه من أمور صادقات ،

فعمً الفرح أرجاء البلاد مع إقامة الولائم  مع الأكلات ،

وبعدها ما كان من تقديم  ما  لذ َّ وطاب من حلويات ،

وبنى بعروسه على سنة رب الأرض والسماوات ،

بعدما كافأه الله تعالى بحرصه وخوفه الصادق من الله تعالى كاشف الخفيات ،

 صاحب الأمر من قبل ومن بعد ومما هو آت ...

 

 

كتبتها اليوم الأحد بتاريخ  :- 1 / 8 / 2010

 

واستغرق تأليفها حوالي النهار الكامل

 

 وكان عملي  هذا تحقيق لرغبة أخونا الوفي :-

 

 أيهم السراحنة الفاضل . .

 

 حيث طلب مني كتابة هذا الموضوع بالذات ..

 ونفس العنوان ..

 

خاطرة على الطريق بين البيت والمدرسة

 

وقد وعدته بإذن الله تعالى ..

وعندما أراد الله تعالى ذلك ..

وفقني لكتابته ..

والحمد لله رب العالمين ..

راجياً منكم أخواني وأخواتي الكرام مسامحتي على وجود الأخطاء إن وجدت .

دمتم بخير أخواني وأخواتي الأفاضل ..

عافاكم ربي ورعاكم ...

حماكم من كل مكروه وآواكم ..

 

 

.....................

 

بقلمي أنا ..

يحيى داود