هل تعلم أن

الكون

2010/11/08
. ما هو علم الفلك (Astronomy)؟

فرع علمي يختص بدراسة كلّ شيء في الكون (باستثناء الأرض).

الفلك عند العرب مدار النجم، كان يطلق عليه عندهم: علم الهيئة/النجوم/التنجيم، بدون فصل بين علم الفلك والتنجيم، ونفس الأمر بالنسبة للمنجم، فهو الذي يشتغل بأحد العلمين أو بكليهما فالمنجم نفسه الفلكي.

يقول المسعودي (توفي عام 956 م):

"صناعة التنجيم والتي هي جزء من أجزاء الرياضيات وتسمى باليونانية astronomy تنقسم قسمة أولية إلى قسمين أحدهما العلم بهيئة الأفلاك وتراكيبها ونصبها وتأليفها والثاني العلم بما يتأثر عن الفلك".

أما كلمة astronomy فهي يونانية من مقطعين: (astro وتعني نجم) و (nomy وتعني قانون..).



2. معظم علماء الفلك في الوقت الحالي هم حقيقة فيزيائيين فليكين..

حتى نهايات القرن التاسع عشر, كان علم الفلك علماً وصفياً أو رياضياً. حيث كان علماء الفلك يرسمون أو يأخذون صور الأجسام عبر تلسكوباتهم ويقومون بحساب مواعيد الكسوف أو الخسوف, أوضاع الكواكب أو أوضاع النجوم و المسافات إليها. لكن علماء الفلك آنذاك افتقروا إلى فهم حقيقي للخواص الفيزيائية للنجوم أو العمليات التي كانت تحكم كيفية إشعاع وتطور هذه النجوم. بعد ذلك الوقت, القفزات المهمة في فهمنا للذرة و كيفية تفاعل المادة والطاقة سمح لعلماء الفلك أن يكتشفوا طرق العمل الداخلية المعقدة للكون عبر تطبيق قوانين الفيزياء في المجالات الواسعة. لهذا السبب, معظم علماء الفلك اليوم يدرسون الفيزياء الفلكية.



3. يقسم علماء الفلك بشكل عام إلى: علماء الفلك الرصديين والعلماء النظريين، وكثيراً ما يكمل عمل بعضهم بعضاً.

بينما يعمل بعض علماء الفلك في كلا المجالين, فإن العلماء غالباً ما يتخذون إحدى الصفتين، هذا بالرغم من أن علماء الفلك الرصديين ليس بالضرورة أن يقضوا معظم أوقاتهم في المراصد وراء التلسكوبات, فهم يشتركون في استعمال وتصميم التلسكوبات و تطوير واستخدام باقي الآلات (مثل كاميرات, الفوتومترات ومناظير تحليل الطيف) في سبيل الحصول على وتحليل البيانات من الأجسام الفلكية. بالمقابل، العلماء النظريين يقومون باستخدام الكومبيوترات الفائقة السرعة ليضعوا النماذج الرياضية للظواهر الفلكية في الفضاء، أحياناً, قد يكتشف علماء الفلك الرصديين بعض الظواهر الجديدة غير المعروفة في الفضاء، وهنا يحاول النظريين استخدام الرياضيات وقوانين الفيزياء المعروفة للتوصل إلى تفسير الظاهرة المرصودة (اكتشاف جوسلين بل للنجم النابض، ومن ثمن تطوير نظرية النجوم النيترونية). في أحيان أخرى، يطور العلماء النظريون نظرية تتنبأ بوجود ظواهر معينة أو ظروف مادية في الفضاء، ومن ثم يقوم الراصدون بالعمل على التأكد من صحة نبوءات النظرية بخصوص ظاهرة أو جسم أو شرط ما (التنبؤ النظري بوجود الثقوب السوداء، ومن ثم اكتشافها فيما بعد، أو تنبؤ البريطاني جون آدامز والفرنسي لوفريير بوجود كوكب أبعد من أورانوس واكتشاف نبتون بناء على ذلك في مرصد ألماني).


4. تتم دراسة الكون بصورة غير مباشرة، حيث يتعرف علماء الفلك على الكون عبر جمع وتحليل الضوء وأشكال الإشعاع الأخرى التي تأتينا من الأجسام في الفضاء عبر التلسكوبات.

لا يمكن أن يذهب علماء الفلك لدراسة الكواكب, النجوم والمجرات، بدلاً من ذلك, يجلسون هنا و يدرسون الكون من خلال المعلومات المرسلة إلينا. أما الرسل التي تحمل إلينا هذه المعلومات فهي حزم الضوء وأشكال الإشعاع الأخرى.. بالرغم من ذلك لا يشكل هذا الأمر انتقاصاً من علم الفلك، فحتى اليوم، نعرف المسافات إلى النجوم والكواكب والمجرات، كتلها، حرارة سطحها وتكوينها الكيميائي ... وهذا بالتّحديد ما يجعل علم الفلك أداة سحرية مدهشة للاكتشاف، وإبداع عبقري للعقل البشري.



5. النظريات الأولى للكون جعلت الأرض في مركزه.

ساد هذا الاعتقاد بين اليونانيين والهندوسيين والصينيين، ومعظم الثـقافات القديمة، التي رأت أن عالم الأرض يختلف عن عالم السماوات من حيث المواد الذي تصنعه والقوانين التي تحكمه، فعلى الأرض كل شيء مكون من أربع مواد: تراب وماء ونار وهواء، أما في السماوات فهي مكونة من مواد أثيرية، الشمس والقمر والجوالات الخمسة، وجميعها تدور حول الأرض بمدارات دائرية تحديداً لأن أرسطو كان يرى بالدائرة الشكل الأمثل، وفي السماوات المثالية لا يمكن للكواكب إلا أن تتبع هذا النوع من الحركة، وكل كوكب يتخذ له مساراً ضمن قبة شفافة كبيرة تتثبت عليها النجوم



6. كانت رؤية أرسطو للكون منظمة جداً، لكنها افتقدت الدقة.

الصينيون القدماء غير المتأثرين بكتابات أرسطو، سجلوا تغييرات في السماء كثيرة، شاهدوها، مذنبات أو النجوم الزائرة (الانفجارات النجمية). والغربيين بالتّأكيد رأوا مثل هذه الأشياء أيضًا, لكنهم لم يكونوا ليعارضوا أفكار الرجال العظماء، مثال هنا: (انفجار المتجدد الجبار في عام 1054 ، ظل المتجدد الجبار واضحاً في منتصف النهار لـ 23 يوم متتالية، وظل يشاهد في السماء لأكثر من سنتين، وقد ذكره الصينيون وحتى الهنود جنوب أمريكا، إلا أن الأوروبيين لم يذكروه، فقط لأن الكنيسة قررت أن السماوات كاملة وأرسطو لم يذكر أي شيء عن انفجار يشوّه السماء!!! إلا أن هذا لم يستمر طويلاً..


7. بعض الكواكب، بالنسبة للراصد القديم، لم تكن "أنيقة" في حركتها!

المريخ، المشتري، وزحل، كانت حركتها محيرة، حيث تبدو بحركة متقدمة بالنسبة لخلفية النجوم، ولكنها فجأة تعكس حركتها للخلف!! وبعد فترة تعاود التقدم!! نحن نعرف اليوم سبب هذه الحركة الظاهرية للكواكب الخارجية..



8. النظام السماوي المعقد لكلوديوس بطليموس (100 – 170 م).

في كتابه المجسطي، والذي ضمنه أكثر الأعمال الفلكية اليونانية الأولى، وضع بطليموس منظومة كونية تحتل الأرض مركزها، وتدور حولها سبع كرات هي: القمر والشمس والكواكب الخمسة المعروفة آنذاك " عطارد- الزهرة- المريخ- المشتري- زحل " وكانت كرة الثابتات تحمل النجوم التي تبدو ثابتة المواقع بالنسبة لبعضها وتتحرك معاً وكأنها جسم واحد، أما ما وراء هذه الكرة فهو غير قابل للرصد من قبل البشر! أما الحركة التقهقرية للكواكب فقد فسرها بطليوس باستخدام دوائر التدوير (وهي فكرة كان قد طرحها هبارخوس قبله بـ 200 سنة)..



9. في القرن السادس عشر, رجل دين بولندي بدأ بثورة غيرت العالم.

بقي العالم لقرابة 14 قرن قانع بنظام ودوائر تدوير بطليموس، إلى أن جاء نيكولاس كوبيرنيكوس (1473-1543) والذي لاحظ ببصيرة ومهارة رياضية ورصدية أن تعقيد نظام بطليموس والحاجة لأفلاك التدوير (Epicycle's) يمكن التخلص منه إذا أجرينا تغييراً بسيطاً فجعلنا الشمس مركز النظام الكوني.. وكان بالحق تغييراً بسيطاً وعظيماً.. (مع أن كوبيرنيكوس وقع بذات خطأ بطليموس حينما تشبث بفكرة المدارات الدائرية، فاحتاج مرة أخرى إلى دوائر التدوير.. ولكنه أزال الكثير من التعقيد وقام بإنجازات مهمة جداً كحساب أبعاد الكواكب عن الشمس و..)



10. قدم غاليليو، عالم الفلك الإيطالي، براهين أخرى على عيوب نظرية أرسطو، وقدم أدلة على النظرية الجديدة، وإسهامات كبيرة لعلم الفلك..

في عام 1609 غير غاليليو وجه علم الفلك مرة واحدة وإلى الأبد عندما وجه أول تلسكوب إلى السماء، من علم يعتمد على العين المجردة وبعض الأدوات البسيطة (كذات الربع وذات السدس ومسطرة زاوية اختلاف المنظر وغيرها من الأدوات التي استخدمها تيخو براهي في أرصاده) إلى علم رصدي دقيق، ومن خلال منظاره قام غاليليو بأرصاد عدة استنتج منها ملاحظات ثورية! فقد رأى سطح القمر مليئاً بالحفر والتضاريس، أي أنه ليس أملساً منتظماً كما كان يُظن، الشيء الذي يُبطل فكرة كمال الأجرام السماوية، وشاهد أقماراً أربعة حول المشتري –وتسمى اليوم الأقمار الغاليليانية: آيو، أوروبا، غاينيميد، وكاليستو- ورأى فيها تأييداً لنظرية كوبيرنيكوس، كما رصد غاليليو أطوار الزهرة، ورأى انتفاخين على سطح زحل فافترض أنهما أقمار أيضاً وذلك لأن منظاره لم يكن من القوة ليسمح له بتمييز حلقات زحل الضخمة، وقد فسر غاليليو العدد الكبير من النقاط المضيئة والمنفصلة التي رصدها في درب التبانة بأنها نجوم بعيدة جداً، و كان أول من أشار إلى البقع الشمسية..

يقول غاليليو ساخراً من أدعياء مركزية الأرض:

"إن من يفضل فكرة تحرك الكون بأسره كي تبقى الأرض ثابتة، لهو أكثر بعداً عن العقل ممن يتسلق قمة قبة ليلقي نظرة على ضواحي المدينة، ثم يطلب تدوير المنطقة بأسرها كي لا يكلف نفسه عناء تدوير رأسه!!".

ويقول كارل ساغان:

" بغض النظر عن كم ملك أو بابا أو فيلسوف أو عالم أو شاعر قد أصر على العكس، فقد واصلت الأرض بعناد، خلال تلك الألفيات، دورنها حول الشمس".


11. تغيير مهم قام به عالم ألماني هو يوهانس كبلر..

استفاد كبلر (1571-1630) من عمله مع راصد دانمركي مجد (تيخو براهي) قبل موت الأخير بسنة واحدة، وبعد جهد متواصل دام ست سنوات و حسابات ملأت 900 صفحة من أجل المريخ وحده (حيث لاحظ كبلر اختلافاً بين أرصاد براهي ومدار المريخ الدائري المفترض)، وانطلاقاً من نظرية كوبيرنيكوس اكتشف كبلر ثلاثة قوانين في الحركات السماوية، نختصرها كما يلي:

(1) تدور الكواكب حول الشمس بمدارات بيضوية.

(2) ويمسح الخط الواصل بين الشمس والكوكب مساحات متساوية خلال أزمنة متساوية.

(3) وأن نسبة مربع سنة الكوكب على مكعب بعده عن الشمس مقدار ثابت.



12. الخطوة التالية قام بها عبقري فذ.. إسحق نيوتن والذي حقق قفزة استناداً لبصيرته الثاقبة ولأعمال العلماء قبله.

مع أن كبلر قد غيّر فكرة المدارات الدائرية إلى البيضوية، إلا أنه لم يكن يحبها، وأكثر من ذلك لم يكن يفهم لماذا تتبع الكواكب هذه المدارات؟ الجواب كان عند نيوتن الذي ولد في سنة وفاة غاليليو (1642)، حيث وضع قوانين الحركة الثلاثة، وقانون الجاذبية وأسس فرعاً جديداً من الرياضيات هو التفاضل.. حيث طبّق نيوتن في كتابه "المبادئ الرياضية لفلسفة الطبيعة" (والذي مازال يعد أعظم كتاب أنجزه رجل بمفرده في تاريخ العلم) نظريتهه في الثقالة على حركة الكواكب حول الشمس، والأقمار حول كواكبها، وحسب كتل الكواكب والشمس بالنسبة لكتلة الأرض، وقدر كتلة الأرض في حدود خطأ من رتبة عشرة بالمئة من القيمة الحقيقة، وبين أن الأرض مسطحة في القطبين، وقدر بدقة معقولة مقدار هذه التسطح، وناقش تغير الثقالة على سطح الأرض، كما حسب عدم الانتظام في حركة القمر نتيجة جذب الشمس له، ودرس مدارات المذنبات، كما قدم تفسيراً منطقياً للجزر وللمد.. ولعل ضربة البصيرة الأكثر توفيقاً لنيوتن تجلّت بإثباته لأن القوانين التي تسود الكون هي نفسها التي تحكم الأرض، وأيضاً أن العقل البشري قادر على استيعاب هذه القوانين.. أي أن نيوتن عندما قال في كتابه: "إنني الآن أعرض نظام العالم" كان بالفعل أول بشري يفعل ذلك!