هل تعلم أن

منافسات وحروب حصاد تمنولوجيا2005

2010/05/06

حفل عام 2005 بالأحداث والإصدارات التكنولوجية التي ستمتد آثارها غالبا خلال العام الجديد. وتجلى ذلك، مثلا، في طرح إصدارات جديدة من عدة نظم تشغيل رئيسية، وعودة ما سمي "حرب متصفحات الإنترنت." كما شهد العام المنقضي ازدهارا في تقنيات توصيل المحتوى وصنعه (مثل RSS، وويكي)، والتقنيات المكتبية التي تعمل على شبكة الإنترنت مباشرة، إضافة إلى اشتعال المنافسة في سوق محركات البحث ورقائق الحواسيب والموسيقى المبيعة عبر الإنترنت. وشهد العام للمرة الأولى تراجع مبيعات الألعاب الحاسوبية عن الأعوام السابقة.

وقد شهد العام الماضي طرح شركة صن مايكروسستمز للإصدار العاشر من نظام تشغيلها سولاريس أوائل فبراير، ثم طرحت شركة أبل الإصدار الرابع من نظام تشغيلها "ماك أو إس إكس" أواخر أبريل، وأعقب ذلك طرح مايكروسوفت للإصدار التجريبي من نظام تشغيلها القادم "فيستا" في يوليو.

وترجع جذور نظام تشغيل سولاريس إلى نظام تشغيل BSD الذي بدأ تطويره في سبعينيات القرن الماضي في جامعة كاليفورنيا (بيركلي). ويعمل هذا النظام بالأساس على الحواسيب الخادمة المستخدمة في شبكة الإنترنت. وقد شهدت الشركة رواجا كبيرا لكل من تطبيقاتها (software) وعتادها الحاسوبي (hardware) خلال النصف الثاني من التسعينيات، وهي الفترة التي عُرفت فيما بعد باسم "فقاعة الإنترنت" ويشمل الإصدار الجديد خواص مبتكرة مثل القدرة على إدارة الشبكات بصورة ذاتية، ومعالجة الأخطاء التي تحدث، وإن تطلب ذلك تعطيل بعض الحواسيب على الشبكة لتلافي حدوث المزيد من الأعطال.

أما إصدار "ماك أو إس إكس" الجديد من أبل، والمسمى تايجر، فهو الرابع في سلسلة بدأت عام 2001 بإصدار "بوما" ثم "جاجوار" ثم "بانثر". وفاخرت شركة أبل –كعادتها- بأنها تفوقت على مايكروسوفت في التوقيت وفي خواص النظام الجديد. ويشتمل النظام الجديد على تقنية بحث متطورة، اسمها "سبوت لايت" تتيح للمستخدم الوصول لأي ملف على حاسوبه بصورة سريعة، إضافة إلى تحديث متصفح الإنترنت "سفاري" وتحسين عمل حواسيب أبل الموجودة في شبكات حاسوبية مدارة بنظام ويندوز، إضافة إلى الحزم البرامجية الشهيرة من شركة أبل "آي لايف" و"آي ورك" اللتين تقدمان خدمات تتراوح بين معالجة النصوص والجداول إلى تسجيل وتحرير ملفات الصوت والفيديو والرسم وغيرها.

وبدأت مايكروسوفت في يوليو طرح إصدارات تجريبية من نظام تشغيلها "فيستا" المنتظر تدشينه خلال النصف الثاني من عام 2006. وتوالت هذه الإصدارات وكان آخرها في التاسع عشر من ديسمبر. وتقول مايكروسوفت إن نظام تشغيلها الجديد -الذي كان يحمل خلال فترة تطويره اسم "لونج هورن"- سيعالج المشاكل والثغرات الأمنية التي لاحقت سلفه "ويندوز xp" ويحوي النظام الجديد برامج للقضاء على برامج التجسس (ويندوز دفندر) وآخر للإسراع ببدء عمل البرامج متكررة الاستخدام، إضافة إلى تحديث لخاصية البحث على الحاسوب الشخصي، كما يشمل إصدارا جديدا من برنامج تشغيل مواد الصوت والفيديو (ميديا بلاير 11).

عودة حرب المتصفحات

كما شهد العام المنصرم عودة الروح لسوق المتصفحات بعد أن راح في سبات عميق منذ طرحت شركة مايكروسوفت الإصدار السادس من متصفح إنترنت إكسبلورر أواسط عام 2001. وسبب هذه الصحوة الزخم الشديد الذي أحاط بالمتصفح الجديد فايرفوكس منذ طُرح إصداره الأول في نوفمبر 2004. وكانت المنافسة قد خبت في سوق المتصفحات بعد أن أزاحت مايكروسوفت متصفح "نتسكيب" بدمجها متصفحها "إنترنت إكسبلورر" في نظام تشغيلها ويندوز، بداية من إصدار "98" (وقد مثلت هذه الخطوة من مايكروسوفت نقطة ضعف شديدة، كانت مثار الهجوم عليها في قضية منع الاحتكار ضد الشركة أواخر التسعينيات الماضية). ومع استتباب الأمور لإنترنت إكسبلورر بنجاحه في العمل على ما يزيد على 90% من الحواسيب الشخصية خلال 2001، لم ترغب الشركة في المزيد من التطوير.

ولكن خلال الفترة بين 2001 و2004 حدث تطور كبير في وسائل تصميم مواقع الإنترنت ونوعية الخدمات التي تقدمها، وبزغت الحاجة لجيل جديد من متصفحات الإنترنت. وهنا ظهر متصفحا فايرفوكس وأوبرا المجانيان اللذان يتيحان خدمات وتحديثات عديدة، خاصة في إصداري 1.5 من فايرفوكس الذي طرح في نوفمبر 2005 والإصدار الثامن من أوبرا الذي طُرح في يونيو لنفس العام.

وتشمل هذه التحديثات إمكانية فتح أكثر من موقع في النافذة الواحدة من المتصفح (قد يصل عدد المواقع في الصفحة الواحدة إلى 30)، وإمكانية تطويع البرنامج ليناسب متطلبات كل مستخدم على حدة، مثل اختيار حافظة واحدة لكل المواد التي يتم تحميلها، وإمكانية إضافة أيقونات جديدة، ومنع ظهور النوافذ الدعائية بكفاءة، وإمكانية منع المواقع من تحميل ملفات التتبع (cookies)، إضافة إلى إمكانية استقبال البريد الإلكتروني من نمط (POP) ومحتوى مواقع الإنترنت عبر تقنية "النشر المتزامن بطريقة بسيطة (اختصارا RSS). ويُعتقد أن فايرفوكس يعمل الآن على حوالي 15% من الحواسيب الشخصية عالميا، وهي أعلى نسبة يحققها متصفح منافس لإنترنت إكسبلورر منذ أفول "نتسكيب" بينما يعمل أوبرا على حوالي 2% من الحواسيب عالميا.

واختارت مجلة "بي سي ورلد" فايرفوكس باعتباره أفضل المنتجات التكنولوجية لعام 2005. وقد أعلنت مايكروسوفت أنها ستطرح إصدارا جديدا أكثر كفاءة من متصفحها مع نظام تشغيل "فيستا" كما ستتيحه أيضا لمستخدمي نظام xp. وفي شهر مايو أيضا أطلق الإصدار الثامن من متصفح نتسكيب، الذي يتبع الآن شركة "أميركا أون لاين".

احتدام منافسة محركات البحث جغرافيا!

وشهد عام 2005 المنقضي نشاطا دءوبا لدى كبرى محركات البحث لتقديم خدمة الخرائط كجزء من حزمة خدماتها. بدأت هذا السباق جوجل في فبراير بخدمة "خرائط جوجل" ثم تبعته في يونيو بتدشين خدمة "جوجل إيرث" لصور الأقمار الصناعية، ثم في يوليو أتاحت خدمة مزدوجة بين الخرائط وصور الأقمار الصناعية، متاحة على "جوجل المحلي (local.google.com). ودخلت مايكروسوفت حلبة المنافسة في يونيو بخدمة الخرائط وصور الأقمار الصناعية بخدمة "الأرض الافتراضية" (Virtual Earth) معتمدة على تقنيات الشركة مثل "ماب بوينت" و"تيرا سرفر،" ثم أعادت تدشين الخدمة تحت اسم "ويندوز لايف لوكال" في ديسمبر الماضي، وهو نفس الشهر الذي أطلقت فيه شركة ياهو خدمة الخرائط الخاصة بها. وكان محرك البحث A9 التابع لشركة أمازون الشهيرة قد دشن خدمة الخرائط قبل ذلك في شهر يونيو.

ومرجع ذلك الاهتمام الشديد بالخرائط وصور الأقمار الصناعية أنها تمثل رافدا جديدا للعوائد من الإعلانات على محركات البحث. فعندما يحدد المستخدم موقعه (أو يحدده محرك البحث تلقائيا كما تفعل مايكروسوفت) فإن شركات محركات البحث ستكون قادرة على إرشاده للوصول إلى شتى المنتجات والخدمات في نطاق المدينة التي يقطن فيها، ومن ثم تكون عملية البحث أكثر كفاءة، لكل من المستخدمين والشركات التي تعلن عن خدماتها على حد سواء. فمثلا، لو أن مطعما محليا في العاصمة التايلاندية بانكوك يريد الإعلان عن خدماته، فإنه لن يستفيد من أن يرى هذا الإعلان أحد سكان القاهرة، ولكن سيستفيد حتما إذا ما رأى ذلك الإعلان سكان بانكوك، خاصة إذا كان هذا المستخدم يبحث عن مطعم في الجوار. وهذا ما توفره تقنيات البحث المعتمدة على الخرائط وصور الأقمار الصناعية.

تطبيقات مكتبية.. عبر الإنترنت

بزغت خلال العام المنصرم ظاهرة جديدة ربما تغير بصورة جذرية طبيعة تعامل المستخدم مع حاسوبه الشخصي، وهي ظاهرة التطبيقات المكتبية المدارة عبر -والمخزنة على- شبكة الإنترنت. فبينما كان استخدام التطبيقات المكتبية -مثل برامج معالجة النصوص والجداول وقواعد البيانات- مقصورا دائما على الحواسيب الشخصية، إنشاء وحفظا واسترجاعا، فإن عدة شركات قد بدأت في تقديم هذه الخدمات بصورة كاملة، إنشاء وحفظا واسترجاعا، عبر الإنترنت.

فمثلا، موقع "رايتلي" المجاني يحوي كل إمكانيات برنامج معالج النصوص "Word" تقريبا، كما أنه يتيح لمستخدميه إنشاء ملفات نصية، إما بصورة فردية أو تعاونية، وحفظها، واسترجاعها، كل ذلك على الإنترنت. وكذلك يفعل برنامج "نم صم" في مجال معالجة الجداول.

وهناك أيضا حزمة إنترنتية هي "جوفيس". واستجابة للتهديد المنتظر لحزمة برامجها المكتبية "أوفيس" دشنت مايكروسوفت أواخر أكتوبر الماضي خدمة "ويندوز لايف" و"أوفيس لايف" عبر بوابة واحدة (live.com) التي لا تزال قيد التطوير. وتهدف الشركة العملاقة من وراء ذلك إلى تقديم خدمات مكملة ومجانية لكل من نظام تشغيلها ويندوز وبرامجها المكتبية "أوفيس".

برامج صنع المحتوى المعلوماتي

وقد ازدهرت خلال العام المنقضي تقنيتان تمكنان المستخدم العادي من صنع المحتوى المعلوماتي وهما تقنيتا المدونات وتقنية الويكي. والمدونات (blogs) صفحات إنترنتية تظهر عليها تدوينات (مدخلات) مؤرخة ومرتبة ترتيبا زمنيا تصاعديا، تصاحبها آلية لأرشفة المدخلات القديمة. ويكون لكل تدوينة عنوان دائم لا يتغير منذ لحظة نشره، مما يمكن القارئ من الرجوع إليها في وقت لاحق، كما أوردت موسوعة "ويكيبيديا" المجانية على الإنترنت. أما موسوعة ويكيبيديا فهي ذاتها ثمرة الجهود التطوعية لعدد هائل من الأفراد يستخدمون تقنية "ويكي" لإدارة المحتوى.

أما التقنية التي تتيح توصيل المحتوى من مواقع الإنترنت المختلفة إلى متصفح الإنترنت دون عناء فهي تقنية النشر المتزامن بطريقة بسيطة (RSS)، وقد حظيت بنجاح شديد خلال عام 2005، إذ تستخدمها الآن كل المنافذ الإعلامية المشهورة والمغمورة على حد سواء. وقد أعلنت مايكروسوفت أن نظام ويندوز القادم سيدعم هذه التقنية ويستغلها لتوصيل المحتوى المعلوماتي لمستخدمي "فيستا".

وأخيرا..

واستمرارا لحالة المنافسة التي تميز دائما قطاع تكنولوجيا المعلومات، تصاعدت المنافسة في عام 2005 بين شركتي إنتل وAMD للرقائق الحاسوبية على إنتاج الأجيال الأولى من المعالجات ثنائية المركز (dual core)، ووصلت المنافسة بينهما إلى القضاء بإقامة AMD دعوى ضد منافستها بممارسة سياسة احتكارية. وشهد عام 2005 أيضا إعلان شركة أبل أنها ستتحول من الرقائق الحاسوبية من إنتاج شركة IBM إلى تلك التي تنتجها شركة إنتل في كل من حواسيبها المكتبية والمحمولة بداية من عام 2006.

وأخيرا، لم تأت القمة العالمية للمعلومات التي عُقدت في نوفمبر بشيء يذكر لسد الفجوة الرقمية المتفاقمة بين أغنياء العالم وفقرائه.